المستشفيات والمدارس والكنائس والمساجد باتت هدفاً مستباحاً للقصف والاقتحام الإسرائيلي

٢٢يوليو ٢٠٢٥
شهد قطاع غزة في الفترة من 15 إلى 21 يوليو 2025 تصعيداً مروّعاً في عدوان الاحتلال الإسرائيلي، حيث بلغ عدد الشهداء خلال هذه الفترة 646 شهيدا، مع إصابة 3,101 آخرين في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشريف، بينهم أعداد كبيرة من الأطفال والنساء. وبذلك ترتفع الحصيلة منذ 7 أكتوبر 2023 إلى 60,544 شهيدا وأكثر من 150,820 جريحا في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشريف، في تصاعد مستمر للجرائم والانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني.
إن قطاع غزة يئن تحت المجاعة والقصف والاستهداف اليومي للمدنيين والبنى التحتية، فيما يواجه أهل الضفة الغربية والقدس الشريف المزيد من التهجير والهجمات على الأرض والمقدسات.
وفي تقريره الأسبوعي لفترة الرصد، يلحظ المرصد الإعلامي لمنظمة التعاون الإسلامي لجرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين أن آلة الاحتلال تتعمد تدمير كل مقومات الحياة، حيث لا حرمة لمنشأة صحية أو تعليمية؛ فأصبحت المستشفيات والمدارس والكنائس والمساجد هدفاً مستباحاً للقصف والاقتحام الإسرائيلي. وقد تعرضت كنيسة العائلة المقدسة للاتين في مدينة غزة لقصف من الاحتلال الإسرائيلي، ما أسفر عن استشهاد 3 وإصابة 10 آخرين على الأقل.
ووثق المرصد الإعلامي للمنظمة تواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بوتيرة غير مسبوقة، حيث أكدت وكالة “الأونروا” أن إسرائيل تجوّع مليون طفل من سكان غزة المحاصرين، وبلغت حدة سوء التغذية بين الأطفال أقصى مستوياتها التاريخية. وقد أكدت الوكالة فحص 74 ألف طفل للكشف عن سوء التغذية، وحددت ما يقرب من 5,500 حالة من سوء التغذية الحاد الشامل وأكثر من 800 حالة من سوء التغذية الحاد بشدة. بينما سجل مصدر طبي بمستشفى شهداء الأقصى وفاة طفلة تبلغ من العمر عامًا ونصف العام نتيجة الجوع في دير البلح.
وتشهد المستشفيات في غزة توافد مئات المصابين بالجوع الحاد وسوء التغذية إليها، في ظل عجز القطاع الصحي عن الاستجابة نتيجة نقص حاد في الأدوية والأطقم الطبية وشح الموارد الأساسية. ووفقًا لتقرير مجموعة الحماية العالمية، لا مكان آمن في غزة، والأعمال العدائية ترتكب في بيئة تخلو من أي حماية، إذ أُصيب خلال فترة الحرب أكثر من أربعين ألف طفل. وتؤكد الأونروا أن الاحتلال يقتل يوميًا ما يعادل صفًا دراسيًا كاملًا من الأطفال، أي ما بين 35 و 45 طفل في المتوسط في كل صف.
وأشارت مجموعة الحماية الدولية إلى أن سكان القطاع يعيشون مأساة النزوح القسري المتكرر لـ90% منهم، أغلبهم من كبار السن وذوي الإعاقة. ويصف مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) كيف يخاطر الناس بحياتهم من أجل تأمين الحد الأدنى من الغذاء والمياه دون أن يجدوا الأمان، كما أوضح صندوق الأمم المتحدة للسكان أن النساء الحوامل والأمهات يتضورن جوعًا ويضعن أطفالهن في ظروف شديدة القسوة.
وتتفاقم المجاعة مع وصول القطاع لمرحلة الكارثة: أكثر من 90% من السكان عاجزون عن تأمين طعام يومهم، فيما يعاني طفل من كل ثلاثة أطفال من سوء تغذية حاد ومزمن. ويؤكد المرصد الإعلامي للمنظمة في رصده للأسبوع الماضي استمرار استهداف الاحتلال للمدنيين في مناطق توزيع المساعدات، إضافة إلى استهداف خيام النازحين والمستشفيات بشكل متكرر وممنهج، وهدم البيوت فوق ساكنيها واقتحامات عشوائية تطال كل حي، إضافة إلى تدمير متعمد للبنى التحتية الحيوية وخاصة مصادر المياه والكهرباء، مما عقّد أوضاع المدنيين الهاربين من الموت والباحثين عن الأمان.
وقال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن الجيش الإسرائيلي ارتكب إحدى أبشع المجازر يوم الأحد الماضي ضد مدنيين مجوّعين من منتظري المساعدات شمالي قطاع غزة، أمرهم برفع أيديهم، ثم أطلق النار فقتل 67 وأصاب العشرات أثناء محاولتهم الحصول على كيس دقيق. وبلغ إجمالي شهداء المساعدات في القطاع إلى أكثر من 1017 شهيدًا وأكثر من 6400 مصابًا. وفي الوقت ذاته، فإن هناك مليون نازح فلسطيني مهدد بالعطش، بعد توقف محطة التحلية الرئيسية شمالي مدينة غزة عن العمل بالكامل.
ودعت المملكة المتحدة و25 شريكا دوليا، إسرائيل، في بيان مشترك صدر الاثنين الماضي، إسرائيل إلى وقف الحرب في قطاع غزة الآن، ورفع القيود المفروضة على تدفق المساعدات فورا. وأكد البيان رفض بريطانيا ووزراء خارجية أستراليا، النمسا، بلجيكا، كندا، الدنمارك، إستونيا، فنلندا، فرنسا، أيسلندا، أيرلندا، إيطاليا، اليابان، لاتفيا، ليتوانيا، لوكسمبورغ، هولندا، نيوزيلندا، النرويج، بولندا، البرتغال، سلوفينيا، إسبانيا، السويد، سويسرا، ومفوض الاتحاد الأوروبي للمساواة والاستعداد وإدارة الأزمات، لمقترحات نقل السكان الفلسطينيين إلى “مدينة إنسانية” غير مقبولة إطلاقًا، وأن التهجير القسري الدائم يشكل انتهاكا للقانون الإنساني الدولي.
وفي الضفة الغربية والقدس المحتلة، لم تكن المشاهد أقل مأساوية. فقد شهدت المدن والبلدات الفلسطينية حملات اعتقال ومداهمات واسعة من قبل الاحتلال الإسرائيلي رافقها هدم لمنازل المواطنين واقتلاع للأشجار وتجريف للأراضي الزراعية، فيما تتسارع عمليات إنشاء المستوطنات وتوسيعها.
وتواصل قوات الاحتلال عمليات الهدم والتجريف الواسعة في مخيمي طولكرم ونور شمس منذ أكثر من 163 يومًا، شملت هدم 104 مبانٍ ومنازل، وتهجير أكثر من 25000 فلسظيني. كما تشهد مدن الضفة والقدس حملة اعتقالات ومداهمات واسعة، إلى جانب القمع المباشر واقتحام المنازل والتنكيل بالفلسطينيين وتخريب الممتلكات، وكذلك هدم المنازل في القدس وإجبار العائلات على الهدم الذاتي لتجنب الغرامات الباهظة.
وفي القدس الشريف، يتعرض المسجد الأقصى لاقتحامات يومية بحماية قوات الاحتلال، مع تصاعد الاستفزازات وأداء الطقوس التلمودية في باحاته، وبحسب دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، نفّذ المستعمرون أكثر من 25 اقتحامًا خلال شهر يونيو الماضي، على خلفية دعوات متصاعدة من جماعات “جبل الهيكل” المتطرفة، التي تحثّ بشكل دوري على اقتحام الأقصى وتنفيذ طقوس تلمودية داخل باحاته، في محاولة لتغيير الواقع التاريخي والقانوني للمسجد الأقصى المبارك، وسط حملة إسرائيلية لإغلاق منشآت “الأونروا” وحرمان أكثر من 200,000 لاجئ فلسطيني من الخدمات الحيوية.
وتداولت الصحافة الإسرائيلية قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي، سحب الصلاحيات الفلسطينية في إدارة المسجد الإبراهيمي، ونقلها إلى المجلس الديني اليهودي في مستوطنة كريات أربع، وقوبل هذا الخبر بإدانات واسعة من المجتمع الدولي.
وتتواصل أعمال التهجير القسري جراء اعتداءات المستوطنين المدعومين من الجيش الإسرائيلي، وإحراق الأراضي الزراعية وسرقة المواشي. وبحسب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، فقد نفذ المستوطنون خلال النصف الأول من العام 2025، ما يزيد على 2153 اعتداءً، تسببت في استشهاد 4 مواطنين على يد المستوطنين، وتراوحت الاعتداءات بين الهجوم على القرى الفلسطينية والاعتداء على الآمنين فيها، وإحراق المنازل، وإطلاق النار على الفلسطينيين، وإقامة البؤر الاستيطانية، والسيطرة على أراضي الفلسطينيين، والاعتداء على الشوارع والمركبات.
وقد بلغ إجمالي الاعتداءات الإسرائيلية خلال هذا الأسبوع 15 إلى 21 يوليو 4,735 (جريمة توزعت بين قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشريف، فيما تجاوز عدد الانتهاكات منذ السابع من أكتوبر 2023 عتبة 294,205.